في منتصف كانون الأوّل/ ديسبمر 2017، أطلقت مؤسّسة “نورس” الثقافيّة السوريّة أولى ليالي “مشبّك” من برلين، والتي ستكون بمثابة أمسيّة بوتيرة شهريّة تقدّم فيها مضامين فنيّة وثقافيّة واجتماعيّة متنوعة. تأسّست “نورس” كمؤسسة غير ربحيّة في العام 2017، من منطلق شعور بالحاجة إلى مساحة ثقافيّة تخص وضع الفنانين السوريّين في ألمانيا.

في البيان التعريفيّ لمؤسّسة “نورس”، كتب القائمون والقائمات عليها: “لا يمكن بعد الآن قراءة وجود الفنانين السوريّين في ألمانيا – وعددهم الذي لا يستهان به- على أنه محض صدفة، إذ تجتمع عوامل كثيرة تجعل من هذا المكان قادرًا على استقطاب هذه الشريحة من السوريّين المغتربين عن بلدهم قسرًا أو طواعية (على اختلاف معنى كلمة طواعية في هذا السياق)”.

في حديث مع الكاتب السوريّ مضر الحجي، أحد مؤسّسي “نورس” والعضو في طاقمها، حول الحاجة لتأسيسها، قال: “صرنا نرى كيف أن العدد الأكبر من الفنانين السوريّين في ألمانيا يواجه نفس المعطيات المعيقة لمواصلة مسيرتهم الفنيّة، وهذا طبيعي في أوضاع هجرة مشابهة في العالم. الصدفة هي أن هذه الهجرة كانت هجرة فنانين سوريّين إلى ألمانيا، كما أن ألمانيا كبلد له خصوصيّته من ناحية قوة حضور الحركة الثقافيّة والفنيّة، لذا ظهرت نورس”.

فريق نورس – خاص

تضم “نورس” في طاقمها، بالإضافة إلى مضر الحجي، كلّ من بسام داوود، أثيل حمدان، لواء يزجي، إيريت نيدهارت، هايدي إيريكسون وفدوى ميرخان. أطلق طاقم المؤسسة اسم “نورس” عليها، وهي تسمية جاء اختيارها من نهج حياة طائر النورس، عن هذا يقول مضر: “هو مرتبط بدليل الوصول إلى اليابسة، وفي الوقت ذاته، هو مرتبط بحالة الطيران، كما أن النورس لا يبتعد كثيرًا عن اليابسة، حتى في حالة طيرانه يبقى قريبًا. وهذه الحالة تحمل بقالبها إشاراتها الخاصّة، ويمكن قراءتها على أكثر من مستوى ومضمون وانعكاس”.

في بيانها التعريفيّ أيضًا، ذُكر أن “نورس” تسعى إلى “ضمان استمرارية الفن السّوري من خلال دعم الفنانين السّوريين في ألمانيا عبر خلق الفرص وتيسير الشّراكات ضمن مناخ حرّ وآمن يساعد الفنّان المحترف على متابعة عمله الفني بشكل مستقل ومتفاعل مع المحيط”. ويتابع البيان: “تقدّم نورس نفسها على أنها بؤرة ثقافيّة مستقلة، تعمل على مواكبة اللحظة الراهنة على المستويّين الزمانيّ والمكانيّ، بكل ما فيها من متغيرات وتحديات، انطلاقًا بشكل أساسيّ مع الإيمان بأن الثقافة والفنّ هما حق إنساني أولاً وهما أداة الحوار الإنسانيّة الأكثر فعالية وجدوى. وعليه تعمل نورس في المحيط الألمانيّ بكافة مكوناته ولخدمة هذه المكونات.”

سوف ترتكز “نورس” في برامجها على التشبيك بين الفنانين والفنانات السوريّين والسوريات في ألمانيا، كما على نشاط شهريّ يحمل الاسم “ليالي مشبّك” الثقافيّة والاجتماعيّة، مشاريع بناء قدرات لفنانين وفنانات سوريّين وسوريات في ألمانيا، ورشات ترجمة عربيّة ألمانيّة، وغيرها من مشاريع دعم وبناء قدرات فنيّة وثقافيّة.

الفنّانة السورية رزان صبّاغ في عرض حي للرسم مع الموسيقا، في أمسية ليالي مشبك 3، بعدسة رامي العاشق، مجلة فن

على الرّغم من أن المؤسّسة تسلط الضوء بالأساس على المشهد الثقافيّ السوريّ في برلين خاصة وألمانيا عامّة، إلّا أنها سوف تعمل أيضًا مع المشاهد الثقافيّة العربيّة وكذلك المشاهد الثقافيّة المتنوعة في المدينة. عن هذا يقول مضر: “هي محاولة احتضان لكل الفنانين المقيمين في ألمانيا وتحديدًا برلين، كونها مدينة عالميّة بما يتعلّق بالحضور الفنّيّ فيها. نجد في برلين فنانين من كل الجنسيات، ولا ترغب نورس بأن تكون خارج هذا المشهد المتنوّع. استراتيجيًا، أفكر أن على نورس أن تكون جزءًا من هذا السياق الثقافيّ العالميّ، ومن ناحية أخرى، هذه إحدى المنطلقات التي تؤمن بها المجموعة، بأنها ترى الفن كفعل إنسانيّ أولًا، وأن الفنانين أينما كانوا، هم في حالة شبه منفى. وبالتالي، كأن هنالك ذهنيّة مشتركة للفنانين، التي غالبًا لا ترى الحدود، حتى المجازيّة منها”.

يرى مضر الحجي أن جزءًا أساسيًا من مهام “نورس” الآن هي دراسة احتياجات الفنانين والفنانات السوريّين والسوريات في ألمانيا، ويضيف: “وذلك لتحديد حاجة الفنان أكثر. لدينا خطة مبدئيّة، لكن التخطيط الحقيقيّ سيأتي من خلال العمل مع الفنانين ودراسة احتياجاتهم، لمعرفة كيف نواصل العمل وعلى ماذا سترتكز مضامين برامجنا المستقبليّة”.